( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى
اللَّه) ..بهكذا تضرع أفْرَغُ دوماً مِنْ صلاتي ونُسُكِي وجَمِيعُ طاعاتي
..وأغفل مرات كثيره عن تحصين قلبي فلاينفك يقع في هاوية زرقاء لاأعلم لها إسماً
غير ذلك ولا أدري من أي المدن تخرج.. لربما قد رسمها أحد الصغار في دفتره وغَفِلَ عن
سماع صوت نجدتي.
في الطريق الرملي الملوث بالحراره أنظر لعين الشمس بتحدي
وأأمرها بالهدوء..فلا ماء هنا ولا وطن بل مجموعة أحلام عشوائيه متاحة لمن رغب في
الدخول إلي معانيها.
سيدةٌ عجوز ولها قرنا إستشعار تحيك جناح صرصور قد إنقطع من
مشاغبةٍ..بينما الصبايا بألوانهن اللامعات يرفرفن فرحآ بحُسنهن الظاهر للعَيَانْ.. وأنا هنا يُكّبّلُ
التعب باطن قدمي ويثقل من مشيتي..فأكاد أضيع في هلوسات بصريه.
تحت نظرة الشك والغيره نمت صفصافه ورافه في أرض رثة الحال
فآنست وحشة ساكنيها..تجولت ببعض الغصون وتبضعت من أوراقها طعامآ لم يروق لي ولكنها
المهمه تقتضي أن أتحول مثلهم.
يإن بقلب موجوع وأنا في طاحونة النوم الثقيل فَيَقُدُ مضجعي
خوفآ..فأذكر الله ثلاثآ ثم ابحث عنه.
_من ذلك الباكي الذي أقلق نومتي؟
أتلفت حولي بطول البال وعرضه ولا أري سوي جسده النحيل مُنَكّسْ
الجناحين غارق في لَظَى البُكاء.
_مابَالُ يَعْسُوبٍ ترك عمله وجلس يبكي ويُفْزِعَ غريبةٍ في أرض جدباء؟
نهنه قليلأ ثم حدثني..ثم
أسترسل في الحديث وكأنه يعيد علي سمعي درس قد حفظت مثله يوم أن وقعت في تلك
الهاوية الزرقاء.
_لِعُمْرِيَ ماظننت أن الحب في المملكة غير جائز..أو أن الحنين
إليها يحملني من الذنب مالا أستطع معه صبرآ.
_هل أحببتها حقاً؟
_نعم فعلت !
_ يالك من شجاع..ولكنك تعلم أن الملكة تعمل ولا تحب حتى
انها تعيش من أجل المملكه وليس من أجل الحب.
جاءوا يحملون من الجدية مالم يكن في الحسبان توقعه..طافوا
في الجو لحظات وكأنهم يحاكون رقصة الصالصا الا أنهم لم يكن ذا مقصدهم ..إقترب أحدهم وصاح وكأنه جندي في
حضرة المعركه.
_لقد أمرت الملكة بإحضارك أمام المحكمة الموقره لمخالفتك تعليمات ورثناها
جدٍ عن جدْ
نفض جناحاه ونصب جسده ورسم علي وجهه الجدية بألوان قاتمه
بينما عيناه تحملان من الحزن مايروي صحراء مترامية الأطراف..رفرف لثواني ثم نظر
إلي..
_ ورثت المملكه حب العمل ..لا حب الملكه.
نعق النفير ودقت الطبول ..وتاهت الخطى وهربت من فوقي شجرة
الصفصاف فتركتني تحت الشمس عارية من الظل.
سقطت في دوامة بغير دوار لم تركض فوق خريطة من قبل ولم
يذكرها أبن بطوطة يومآ..غربان تنتف ريش غراب أكل طعام فرخ صغير..تلك هي العدالة
الإلاهيه..عصفور يتسابق من عصفورته لبناء العش الذي جارت عليه الريح..يالهما من
زوجان ❤
أفران تنفث من قلبها الدخان وصغار يلعبون بقطة صغيره تستغيث
وأسمع نداها.
_ فلتكف يدك عن إيذاء تلك القطه.
لم أستطع تخليصها لكنها هي إستطاعت بأظافرها الجميله..كنت
يوماً ما قطه ولي جمال أخاذ وفرو أبيض ناعم هي أيضاً مثلي ..تكمن قوتها في ضعفها
وحيلتها في ذكائها.
يهل الليل بدماثة أخلاقه ليواري سوأة أفكاري وتغطيني النجوم
بضوئها الهادئ..فأنام فوق أرجوحة من الطمأنينة.
أحلم ببالونات تطير في الجو..وورود تتفتح بغير ربيع وأنسان
عطوف نمى من بذرة صالحه فعمر هذا الكون وجلب السعادة واسكنها دورآ جميله بعد ان
حزمت حقائبها سابقآ ورفضت العوده.
أفيق رويداً علي صوت أنين قوي ..كأنه ضعيف أُغتصب حقه..أو
كأنه جندي صبره أهون من جرحه.
_ من ذا الذي يهين حُرمة نومي ويكسر اسوار هدوئي؟
أسرع القمر بالحضور وأقام فوق رأسي حفلآ للنور فرأيته علي
مقربة مني..تسيل منه دماء لم أعهد جريانها من قبل.
- ماذا حدث هل ضربوك؟
_لقد حاربت مع الجنود ضد هجوم الدبور الأحمر الذي نعتبره
عدونآ الأول.
-يالك من شجاع!! ولكن المحاكمه ماذا فعلت!
_ فلتضمدي لي جرحي لكي أمْثُلَ أمامها غداً بعد ان هدأ الوضع
وعادت المملكه إلي نشاطها مرة اخري.
أمسكت بقطعة حب له..ثم قسمتها علي مواقفه النبيله وعطرتها
بأحترامي ونويت أن اضمد له جرحه.
لم يمهلني الحظ لحظة اخرى كى أرد الجميل فضرب جناح الوقت
قلب الارض فرجها رجاً..فظهرت الهاوية الزرقاء تسحبني بغير إراده منساقة لها .
_سأكتب التقرير واسلم الطرود واحكي قصة الرحله..ولكني لم
أضمد جرح الجندي بعد! أتركوني أضمد له الجرح أتركوني..سأكتب التقرير ولكن أتركوني
اساعده.
أسمع صوتها من بعيد يأتي برشفة من عبق السَحَرْ الجميل..
_ زهره..أفيقي ..لاأعلم مابالك كلما صليتي الفجر نمتي فوق
السجاده.
فتحت عيني علي اثاث قابع في مكانه..ونور حط من ( لمبة ) في
السقف وحوائط من حولي لم تبرح مكانها ..ولكن الجميل أن العصافير بدأت رحلتها
وبكورها خارجآ..سأحمل من ذلك الحلم كل الإحترام للجندي الشجاع الذي لم يحقق حبه
ابداً.